بقلم المهندس/ طارق بدراوى
يقع حي المرج شمال شرق القاهرة علي حدود محافظة القاهرة مع محافظة القليوبية ويحده شرقا حي السلام أول وشمالا مركز الخانكة بمحافظة القليوبية وغربا حي المطرية وحي شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية وجنوبا حي عين شمس وبذلك فهو يعتبر مدخل محافظة القاهرة من جهة محافظة القليوبية وكان حي المرج منذ مدة غير قليلة حتى بداية ثمانينيات القرن العشرين الماضي منطقة ريفية تغلب عليها الزراعة وكان الحي يتبع حي السلام وذلك حتي تم فصله عنه في شهر أبريل عام 1994م حيث ظهر علي المنطقة طفرة عمرانية كبيرة مما أدى إلي إختفاء الأراضى الزراعية بها تماما كما تم مد الخط الأول لمترو أنفاق القاهرة الكبرى إلى محطته الأخيرة المرج الجديدة وقبلها محطة المرج القديمة قادما من مناطق عين شمس والمطرية وحلمية الزيتون وحدائق القبة ورمسيس والتحرير والسيدة زينب ومصر القديمة ودار السلام والمعادى وطرة والمعصرة ووادى حوف وحلوان في أقصي جنوب القاهرة وبذلك أصبح المرج أحد أحياء القاهرة بعد أن كانت المنطقة عبارة عن قرية ثم ضاحية صغيرة وكانت تحدها من الشرق ترعة ردمت الآن والرشاح غربا ومدينة الأندلس جنوبا ومنطقة 23 يوليو ومنطقة محمد نجيب شمالا ……
وقد سمي حي المرج بهذا الإسم حيث أن كلمة المرج كلمة عربية قديمة معناها البستان الكثيف الأشجار وحيث أن المنطقة قد إشتهرت بزراعة أشجار النخيل منذ قديم الزمان كما إنتشرت فيها الكثير من الحدائق والبساتين المثمرة نظرا لأن طبيعة الأرض بها صلحت لزراعة أجود أنواع الفواكه والنخيل إلي جانب توافر المياه اللازمة للرى طوال العام لذا أطلق عليها إسم المرج وقد بلغ عدد سكان الحي في عام 2012م حوالي 573 ألف نسمة وتبلغ مساحتة الكلية حوالي 42 كيلو متر مربع بينما تبلغ المساحة المأهولة منها حوالي 7.7 كيلومتر مربع ومن أهم مرافق الحي كوبرى الشيخ منصور الذى يربط حي المرج بحي عزبة النخل ويمر أعلي سكة حديد مترو الأنفاق والذى تعرض لحادث مؤسف في العام الماضي حيث إنهار جزئيا نتيجة إنفجار عدد 3 أنابيب بوتاجاز أسفله مما أدى إلي غلق محطتي مترو المرج القديمة والمرج الجديدة لمدة حوالي شهر لحين إصلاح التلفيات التي حدثت به وأيضا من مرافق الحي الهامة كوبرى محمد نجيب الكائن بمنطقة المرج الجديدة ويبدأ هذا الكوبري من شارع البترول و يخرج منه فرعان أحدهما متجه إلى المرج الجديدة والأخر يتجه إلى المرج القديمة بالتوازي مع شريط مترو الأنفاق ويحيط به العديد من المنشآت الحيوية والسكنية الهامة كشركة المياه وشركة الكهرباء و محطات توليد الكهرباء وعدة مباني سكنية ……
ومن أهم معالم حي المرج قصر أو فيلا زينب هانم الوكيل زوجة الزعيم الوطني مصطفي النحاس باشا رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الوزراء قبل ثورة عام 1952م عدة مرات وهي الفيلا التي إعتقل فيها الرئيس محمد نجيب أول رئيس لمصر وذلك بعد خلافه الحاد مع مجلس قيادة الثورة بقيادة جمال عبد الناصر الأمر الذى إنتهي بإعتقاله وتحديد إقامته في الفيلا المذكورة بداية من شهر نوفمبر عام 1954م حيث أقيمت حول الفيلا حراسة مشددة وفرض على جميع من بالمنزل عدم الخروج في الفترة من الغروب إلي الشروق في اليوم التالي وكان عليهم أن يغلقوا النوافذ في عز الصيف تجنبا للصداع الذي يسببه الجنود الذين إعتادوا أن يطلقوا الرصاص في منتصف الليل وفي الفجر وكانوا في الصباح يؤخرون عربة نقل الأولاد إلى المدرسة فيصلون إليها متأخرين ولا تصل العربة إليهم في المدرسة بعد الظهر إلا بعد مدة طويلة من إنصراف كل من في المدرسة وكانت غرفته في فيلا المرج متواضعة للغاية بها سرير متواضع يكاد يختفي من كثرة الكتب الموضوعة عليه وكان يقضي معظم أوقاته في هذه الحجرة يداوم علي قراءة الكتب المختلفة في شتي أنواع العلوم خاصة الطب والفلك والتاريخ ويقول محمد نجيب هذا ما تبقي لي فخلال السنين الماضية ويقصد بها سنين المعتقل لم يكن أمامي إلا أن أصلي أو أقرأ القرآن أو أتصفح الكتب المختلفة وفي أثناء العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956م تم نقله من معتقل المرج إلي مدينة طما في سوهاج بصعيد مصر وقيل إنه كان من المقرر قتله في حاله دخول الإنجليز القاهرة وذلك بعد أن سرت إشاعه قوية تقول إن إنجلترا ستسقط بعض جنود المظلات علي فيلا زينب الوكيل في المرج لإختطاف محمد نجيب وإعادة فرضه رئيسا للجمهورية من جديد بدلا من الرئيس جمال عبد الناصر ولكن بعد فشل العدوان تم إعادته إلى معتقل المرج مرة أخرى وجرى التنكيل به كما عاني أيضا من سوء المعاملة حتى أن أحد الحراس ضربه على صدره في نفس مكان الإصابة التي تعرض لها في حرب عام 1948م مما سبب له حزن عميق وبعد نكسة عام 1967م أرسل برقية لجمال عبد الناصر يطلب منه السماح له بالخروج في صفوف الجيش بإسم مستعار إلا أنه لم يتلق أي رد منه وظل محمد نجيب حبيس فيلا المرج منذ عام 1954م وحتي أمر الرئيس الراحل أنور السادات بإطلاق سراحه عام 1971م بعد أن تولي الحكم بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر في يوم 28 سبتمبر عام 1970م وتم إنتخابه رئيسا للجمهورية في شهر أكتوبر عام 1970م وللأسف الشديد أن هذه الفيلا تعاني من الإهمال حاليا ومهددة بالسقوط والإنهيار …..
ومن معالم الحي أيضا فيلا الأميرة نعمت هانم مختار إبنة الخديوى إسماعيل وشقيقة الخديوى توفيق والسلطان حسين كامل والملك فؤاد وعمة الخديوى عباس حلمي الثاني والملك فاروق والأمير محمد علي توفيق الذى كان وليا للعهد مرتين في زمن الملك فؤاد وفي زمن الملك فاروق وفي المرتين يحرم بعد فترة من ولاية العهد ففي المرة الأولي أنجب الملك فؤاد الملك فاروق فأصبح الأخير وليا للعهد وفي المرة الثانية أنجب الملك فاروق الأمير أحمد فؤاد الثاني الذى أصبح بدوره وليا للعهد وكانت تلك الفيلا محل إقامتها وتتميز بحديقة كبيرة تصل مساحتها إلى 12 فدنا و4 قراريط وللأسف فقد أهملت كل من الحديقة والقصر بعد مصادرة تلك الفيلا ضمن ماتم مصادرته من فيلات وقصور العائلة المالكة بعد ثورة يوليو عام 1952م ويطالب أهالي المرج بتحويل حديقة تلك الفيلا إلي حديقة عامة تكون متنفسا لهم يتنزهون فيها في الأجازات والأعياد وهم حريصون علي أداء صلاة الجمعة في ساحة الحديقة حتي اليوم في إشارة لإرتباطهم بأرض الحديقة وخوفا من بيعها وتحويلها إلي غابات أسمنتية قبيحة المنظر …..